📁 آخر الأخبار

روايه طفله الثابت الفصل الثاني بقلم أسماء محمد

 روايه طفله الثابت الفصل الثاني بقلم أسماء محمد

روايه طفله الثابت الفصل الثاني بقلم أسماء محمد

روايه طفله الثابت الفصل الثاني بقلم أسماء محمد

روايه طفله الثابت

 الفصل الثاني

 بقلم أسماء محمد




الفصل الثاني:


بعدما انتهت ريناد من أعمال البيت، شعرت برغبة في الهروب إلى ملاذها الآمن، غرفتها الصغيرة، حيث دفتر ذكرياتها الذي يحتفظ بكل آلامها وأحلامها. حمدت الله أن مرات والدها لم تكن في البيت، فبدأت تكتب في دفترها عن معاناتها، وعن الألم الذي يملأ أيامها.


كتبت سطوراً مليئة بالدموع:


"اليوم مثل البارحة، وبقية أيام حياتي لا جديد فيها سوى المعاناة والقسوة. لماذا هذا الألم؟ لم أكن يوماً اعترفت بقضاء الله، ولن أقنط من رحمته. صحيح أنني لا أعرف كثيراً عن ديني ولا عن ختم القرآن، لكنني أعلم أنه لا ييأس من رحمة الله سوى الكافر. وأنا صابرة ومحتسبة. لا أنكر أنني عشت مع أمي سنوات قليلة، لكنها كانت جميلة. لا أذكرها كلها، لكن لم يكن هناك حزن. وكان أبي يعاملني كالأميرة، لكنه رحل أيضاً. ربي اغفر لهما وارحمهما، وأسكنهما الفردوس الأعلى.


أما عن مرضي، فهذا ليس بيدي. إنه ابتلاء، وقد رضيت به، لكنه ليس شيئاً ينقص مني لكي يتنمر عليّ أحد بسبب ضعف بصري. ما المشكلة في أنني لا أرى جيداً؟ الناس تتنمر على من لا ذنب له، وهذا ليس نقصاً فيّ، بل في من يتنمر. لأنهم يشغلون أنفسهم في إيذاء الآخرين ليهربوا من فراغهم الداخلي.


وانتهت صفحاتها كالعادة، بدعوتها المتكررة:


"ربي، إني أسالك من فضلك ورحمتك التي لا يملكها سواك، أن تشفيني، وأن ترأف بحالي، وترحم ضعفي، وهشاشة قلبي، وتهدني لما تحب وترضى."


أغلقت دفترها، وأدت فرضها، ثم نامت.


في مكان آخر في شركة المنوفي للمعمار، كان ثابت جالساً في مكتبه، غارقاً في التفكير بكلام والده. فلاش باك: بعد أن انتهى من فطوره، ذهب إلى مكتب والده وقال بهدوء:


"حضرتك كنت عايزني في حاجة؟"


مراد: "عمك أحمد اللي كان السكرتير بتاعي؟"


ثابت: "أه، فاكر. كان راجل محترم وطيب."


مراد بحزن: "مات من سنتين، وقبل ما يموت وصاني على بنته، بس انشغلت عنها ونسيت أروح لها. كنت ببعتلها مصاريف كل شهر، لكن ما قضيتش وقت معاها، ولا سألت عنها. حاسس إني مقصر معاه. مع إن أبوها كان مساندني في شغلي، وكان أيدي اليمنى في كل حاجة. ده أقل حاجة أعملها، إني أطمن على بنته."


ثابت بحزن: "الله يرحمه ويغفر له. يارب. حقه علينا إننا نروح نشوفها إذا كانت بخير أو عايشة إزاي."


مراد بتأييد: "عندك حق. خلاص، بعد ما تخلص شغلك، نروح لها ونأخذ سما معانا. هي ومرات أبوها لوحدهم، مش معاهم راجل."


ثابت بهدوء: "تمام. بعد إذنك، هروح شغلي."


مراد بابتسامة: "الله يوفقك يا حبيبي."


ثابت ببطء قبّل يده، ومشى.


فجأة، قطع صوت صديقه معتصم، الذي كان رفيق دربه في كل شيء، حفظ القرآن، والدراسة، والعمل، وكل شيء. هم أكثر من أخوة.


معتصم بمرح: "اللي واخد عقلك، تنابه؟"


ثابت بابتسامة: "مفيش حد واخده، يا خفيف."


معتصم بمزاح: "أمال سرحان فين؟ اوعى تكون بتفكر في بنت ومطنشاك؟"


ثابت بهدوء: "إحنا بتوع الكلام ده برضو؟ إحنا اتعاهدنا إننا نحفظ قلوبنا للي هتبقى حلالنا. وده شيء ما يعبناش. بالعكس، لما تحفظ قلبك للي هتشعله وتحتويه ويكون ملك ليها، ده مش ضعف ولا خيبة. ده أجمل حاجة. إنك تعف قلبك ونظرك عن الشهوات والمعاصي. وأنك تكلم بنت ده هيخليك متزعزع ومتذبذب الفكر. وغير كده، هو حرام تعمل علاقة مع بنت، حتى لو كلام بدون رابط رسمي. فاهمني يا عصوم؟"


معتصم بمزاح: "تصدق؟ تؤمن بالله؟"


ثابت بهدوء: "لا إله إلا الله."


معتصم بنفس نبرته: "أنت دايماً بتقنعني بأسلوبك المتحضر وكلامك المنمق. وسحر كلماتك يشد ويجذب انتباه المستمع ليك. بجد، أنت ونعم الأخ والصديق."


ثابت بابتسامة خفيفة: "شوف يا عصوم، أنت أخويا وصاحبي، ومش عايزك تنجرف لطريق متعرفش ترجع منه. خليك ثابت على مبادئك. تمام؟"


معتصم بتفهم: "أكييد، فهمت. المهم بقى، عندكم غداء في البيت ولا إيه النظام؟"


ثابت بمرح: "أه، ميرو عاملة حسابك، ومتأكدة عليا إنك تيجي."


معتصم بحب: "واله ميرو دي حبيبتي. ربنا يبارك لنا في عمرها ويحفظها لنا."


أمن ثابت على دعاءه، ثم أنهوا شغلهم وخرجوا.


في الجهة الأخرى، كانت ريناد نائمة كالملاك، غارقة في أحلامها، لكن تلك "الحرباء الملونة" لن تتركها تنعم بالراحة.


سمَاح بصوت عالٍ: "إنتِ يا زفتة فين؟ الأكل فين؟ وبتعملي إيه عندك؟"


ريناد قامت من غفوتها القليلة بفزع، وخرجت من غرفتها، وقالت بهدوء: "خير يا خالتي؟"


سمَاح: "بتشفي! جايلك عريس، راجل كبير وغني، وأهو هيريحني منك. ومش هامه إنك مش بتشوفي كويس. أهو أحسن من قعدتك دي." وتغوري من وشي لاني قرفت من وجودك معايا.


ريناد بدموع:


تعليقات